حقيقة الخير و الشر

تأملوا معي في قوله تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون)، بعض الناس يتصور ان للشر مادة يستخدمها الله للابتلاء، وأن للخير مادة اخرى يستخدمها الله في عباده للأنعام والإكرام،وهذا غير صحيح، لأن الله لفت نظرنا الى ان كل ما قد خلقه ان شاء استخدمه نعمة ارسلها لعباده وان شاء استخدمها نقمة جعلها تنزل بهم، فليس في الطبيعة مادة هي للشر خاصة ومادة اخرى هي للخير خاصة فقط، ذلك لأن الذي جعل وسيلة الشر وسيلة له هو الله والذي جعل وسيلة الخير اداة له هو الله. فإن شاء بدل الوظائف وان شاء غير الأعمال والمهن بين مخلوقاته كما يشاء.

الدليل على ذلك:

كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سمع صفير الهواء قوله: (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) إن هذا الهواء بيد الله وجند من جنوده إن شاء ارسلها نعمة وجعل منها مادة خير وسببا للحياة ، وان شاء جعلها سببا للدمار والهلاك، وهي هي الهواء هو الهواء وليس بين أن يكون خيرا او شرا الا الأمر الصادر من الله الى هذا الهواء.
وكان اذا رأى المطر يهمي يقول( اللهم اجعلها سقيا رحمة ولا تجعلها سقيا عذاب) اي أن هذا الماء الهاطل من السماء ان شاء جعله الله سبب نعمة وحياة وان شاء جعله اداة نقمة وإغراق والماء هو هو.

والأمر نفسه ينطبق على الثلج والرعد والبرق وغيره، وانظروا الى الأيات التي تتحدث عن فنون الإهلاك وأدواتها المختلفة كلها ادوات انعام. لاحظوا الأية عن اناس لما رأوا الغيوم قالوا (هذا عارض ممطرنا) فجاء الجواب (بل هو ما استعجلتم به، ريح فيها عذاب اليم تدمر كل شئ بأمر ربها).

فيا مسرفاً على نفسه، يا من ترجوا الخير وتخشى الشر وتنفق مالك وجهدك من اجل جلب الخير ودفع الشر.

اعرف طريقك والجأ الى من بيده ذلك، اقبل على الله يكفك الشر ويهبك الخير بصدق توجهك.

الشيخ حسني حسن الشريف

شاهد أيضاً

رسول الله فينا.. حي في قلوبنا

مقطع فيديو قصير، تحدث فيه سيدنا الشيخ حسني حسن الشريف عن معنى الآية الكريمة (واعلموا …