وقولوا قولًا سديدًا

يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. قال المفسرون: قولا سديد، أي قولا راشدا، صحيحا، معقولا، صادقا، حقيقيا،… قال أحد الصحابة (عكرمة): سديدا يعني “لا إله إلا الله”.

والمعنى هو كل ما ذكر، لكن للآية دلالة نأخذها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله.

وفي غياب القول الرشيد الصحيح العاقل وذكر لله عز وجل، فهناك فساد في العمل. من هم الذين يصلح الله لهم أعمالهم؟ هم أهل القول الرشيد السديد، وأحسن ما فيه هو ذكر الله.

وهذا هو جزء كبير من مشاكل أمتنا في هذا الزمان، وأنتم ترون قلة القول السديد! وبالتالي الفشل، وما أكثره! “وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا”. فلا حصّلوا دنيا، والله أعلم بالآخرة!

قلت كلمة، وأقولها وأجري فيها على الله، سألت الله فيها أن لا يحشرني مع علماء هذا الزمان، ولا يحسبني أو يجعلني منهم، سألته أن يحاسبني حساب العوام، لأني أجد في كل من يظهرون في الإعلام الذي هو صنيعة هوليوود (إلا ما رحم ربي)، والعلم عند الله أنهم علماء سلاطين، لا يقولون إلا ما يرضي أهل الدنيا، لذلك نصيحتي لكم أن لا تسمعوا لهم، حتى القول الحق الذي يقولونه يريدون به الباطل! ذهبوا بالأمة وحولوا الصراع باتجاه خدمة أعدائها، العلماء قبل السلاطين، نعم! ولا يقولون كلمة الحق!

كيف نصلح أعمالنا؟ نحتاج إلى قول حسن، وخير قول هو ما قاله الله عز وجل، وهو ذكر الله عز وجل الذي هو شرط لصلاح العمل.

وهذا يعيدنا إلى زاويتنا، من لا يذكر الله فقوله غير سديد. ولن يتعود القول الرشيد السديد إلا إذا ذكر الله. وذكر الله يكون في الزاوية. واهم، ويصدر عن هوى نفس وجهل في سنن الله عز وجل من يعتقد أن الحياة تستقيم دون ذكر لله عز وجل “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى”.

واهم ويصدر عن هوى نفس من يعتقد أن هناك سلوكا من غير أوراد، واهم ويصدر عن جهل في سنن الحياة من يعتقد أن هناك سلوكا من غير زاوية. واهم ويصدر عن هوى نفس من يعتقد أنه يستطيع أن يسلك وهو خارج الزاوية، هذه مسلّمات.

تابعٌ لهواه من يريد أن يفصل بين السلوك والحضور إلى الزاوية، لأن من لا يستطيع أن يتعايش مع سنة المدافعة في الزاوية ويهزم فيها فهو مهزوم أمام نفسه، هذه الزاوية هي التي تصنع الرجال والقلوب والأحوال والقول الرشيد السديد، وبالتالي العمل الرشيد السديد، وهذا الذي يهزم في سنة المدافعة في الزاوية سيهزم أمام خصومه، وفي مقدمتهم شيطانه!

لا سلوك بدون ورد، ودون حضور إلى الزاوية، ودون سنة المدافعة والتمحيص في الزاوية! هذا سلوك وصبر ومصابرة! هذه الأوراد تخرج غثاء النفس وصدأ القلوب من خلال كثرة الذكر الجماعي، هذا هو الذي يصنع المقامات.

شاهد أيضاً

الشيخ حسني حسن الشريف

أهل بدر و الأنفال

درس حضرة سيدنا الشيخ حسني حسن الشريف فجر يوم الجمعة 12 رجب 1444هـ الموافق 3 …