يا سيدي يا رسول الله

كلما أصاب القلب لهيب شوق الى لقياك، وذكرت ذنبي وسوء أدبي وتقصيري، ذكرت أبياتاً لطالماً خففت عني، قد خطها جدي في سؤالكم ……

وَيَا لَهَا مِنْ ذُنُوبٍ سَوَّدَتْ صُحُفِي
وَأَوْرَدَتْنِي حِيَاضَ الْفَوْتِ وَالنِّقَمِ

إِنْ لَمْ تَكُنْ لِي فَمَنْ لِلْعَبْدِ يُنْقِذُهُ
مِنْ حَرِّ نَارٍ تُذِيبُ الْجِسْمَ بِالضَّرَمِ

ضَيَّعْتُ أَيَّامِي بِالتَّسْوِيفِ فَانْصَرَمَتْ
مِنِّي المَحَاسِنُ حَتَّى صِرْتُ فِي هَرَمِ

وَلَيْسَ لِي عَمَلٌ أَرْجُو بِهِ مِنَحَاً
سِوَى مَحَبَّتِكُمْ مَمْزُوجَةً بِدَمِي

يَا سَيَّدِي يَا رَسُولَ الله خُذْ بِيَدِي
يَا مَلْجَئِي وَاحْبُنِي مِنْ فَيْضِكَ الْعَمِمِ

وَمِنْ عَوَائِدِ آبَائِي بِآلِكَ لا
تَحْرِمْنِي عِنْدَ احْتِيَاجِي أَنْتَ مُعْتَصَمِي

هَبْ أَنَّنِي غَيْرُ فَرْعٍ ، عَبْدُكُمْ وَكَفَى
وَالرِّفْقُ بِالرِّقِّ مِنْ مُسْتَظْرَفِ الشِّيَمِ

وَلَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْجَدِّ الشَّفُوقِ سِوَى
التَّوْفِيقِ يَطْلُبُهُ مِنْ بَارِئِ النَّسَمِ

لِعَبْدِهِ الْعَاجِزِ الْمِسْكِينِ حَيْثُ لَكُمْ
جَاهٌ رَفِيعٌ بِهِ نَنْجُو مِنْ النِّقَمِ

كلما ذكرت زيارته عليه الصلاة والسلام، والشوق قد أحدث في القلب الجراحات، وددت لو أن لي جاها وحظوة فأكون عند ترابه أرشف منه، وذكرت أنه أهل الجود والكرم، وأنه رئيف بقلب قد اشتعل في محبته، اشتعال ألفت حلو مذاقه وألمه ، كعود زاده الاشعال طيباً، فيشخص بصري الى السماء أدعو بوصال قريب، وأذكر من أسلافي من طلبوا الوصال فجاد عليهم به، فكانوا هم أسعد خلق الله قاطبة.

أراني وقد ذكرت حال الامام أحمد الرفاعي حينما قصد الحضرة المحمدية، الامام أحمد الرفاعي ذاك العاشق الذي شهد له علماء زمانه بالعلم والولاية، كانت قد أخرته ظروف زمانه عن لقاء محبوبه المصطفي صلى الله عليه وسلم، وكان في كل ليلة من ليالي البعد برسل روحه بحالة وجدانية قل نظيرها الى الحضرة النبوية للسلام على رسول الله، في سنة من السنوات ومع تغير الاحوال وتبدل الظروف هم بالخروج للحج ولزيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم في مدينته التي شرفت بمقامه بها، اختار مجموعة من تلامذته وقصد المدينة المنورة سنة 555 للهجرة، في موسم حج كان قد قصده ما يزيد عن تسعين ألفا، تسعين ألفا شهدوا لقاء الحبيب بحبيبه ……

دخل الامام أحمد الرفاعي وقد صار في حضرة النبي الأكرم والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وما ان صار في ذاك الموضع حتى أرسل كلاما دل على حالة العشق القائمة، وحدث عن مكنون قد حواه قلبه في حضرة الحبيب……. فقال :

في حالة البعد روحي كنت أرسلها *** تقبل الارض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الاشباح قد حضرت *** فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

جاد المصطفى…… والله جاد…. خرجت اليد الكريمة من المقام الازهر، وحظي الامام بقبلة عليها على مرأى من الخلائق ……

لا كلمات لدي لتصف الحال، فهذا حال والله يعجز عنه المقال، ولكني أقول للقارئ الكريم الذي عمر قلبه بحب سيدي رسول الله :

دع عنك علوم التواتر وشروطها، وضع جانبا أحكام العقل وعيوبها، واقذف بعيدا كلمات المتنطعين وشذوذها، وارأف لحال قلبك الذي فطرته كلماتي السابقة وحروفها، ولحال عينك التي خالجتها دموعها، فكاتب هذه الكلمات قد رأى بأم عينه التي سيأكلها دودها، ما يثبت علاقة اليد اليمنى…. بالشفة الظمأى، فهي تالله حكاية قد شعشع نورها.

محمد حسني الشريف

شاهد أيضاً

موهوب

موهوب و مجتهد

في بعض الاحيان أطلق العنان لقلبي كي ينصت ويتدبر لغة هذا الكون، أهيم في بديع …